المبحث الأول
في مصطلح التربية
تعتري العمل الإسلامي مجموعة من الأمراض سببها اختلال المنظومة التربوية، إنْ من ناحية التصور أو الممارسة. ذلك أن التربية هي المحضن الذي تتشكل بداخله كل القيادات: فهو صمام الأمان الذي يضبط المسيرة الدعوية داخل الصف سواء تعلق الأمر من ناحية الاصطفاء والاختبار أم من ناحية الترقية والتزكية، أم من ناحية التخريج والتأهيل. ويمكن لنا أن نلاحظ أن سبب كثير من الخلافات والآفات والتعثرات الواقعة في العمل الإسلامي إنما هي انعكاس طبيعي لخلافات وآفات تربوية خاصة. ومن هنا أمكننا القول أن قدرا كبيرا من نجاح العمل في مختلف التجليات مرتبط بشكل رئيسي مباشر أو غير مباشر بما يحققه من نجاح في المسألة التربوية تصورا وممارسة.
وإسهاما من الكاتب في بلورة فكر تربوي أكثر نضجا، قام بمحاولة لدراسة أصول التربية الإسلامية في اتجاه محاولة رسم معالم المنهاج التربوي النبوي، من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة وكذا نصوص السيرة النبوية، ثم حاول بعد ذلك استعراض واستقراء التصورات والممارسات المندرجة في فقه التربية عبر أجيال الأمة الإسلامية، استقراءً نقديا مركزا فيه على أعلام الفكر التربوي وأهم مدارسه قديما وحديثا بهدف أن يتبين لنا أنه رغم كثرة التصورات والمناهج التربوية المقترحة والممارسة، إلا أنها لا تخرج إجمالا عن نوعين واتجاهين تربويين.
- اتجاه توحيدي، يحاول استلهام المنهاج النبوي التربوي بناء على قواعد الفهم العلمية ومناهج الاستنباط الشرعية من نصوص القرآن والسنة النبوية، ومحاولة اكتشاف السنن والقواعد التربوية من خلال السيرة النبوية، قصد ربط الفرد ربطا مباشرا بالله سبحانه وتعالى عبر مفاهيم الوحي.
- اتجاه وساطي، يجمع كل التصورات والمذاهب التربوية القائمة على أساس وجود (الوسيط) التربوي، الذي قد يكون (شيخ) مدرسة سلوكية صوفية، أو (شيخ) مدرسة فكرية عقلية.